قراءة نقدية لأحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد ( الجزء الأول)
By
mohamed brahimi
On 05/02/2015
قراءة نقدية لأحكام قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد
( الــــجـــــزء الأول )
شهد النظام القضائي الجزائري إصلاحين جوهريين : الأول كرس مبدأ ازدواجية القضاء ، و قد وقع هذا التغيير بموجب دستور 1996 الذي أنشأ مجلسا للدولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية ، و أما الإصلاح الثاني فإنه وقع بموجب القانون رقم 08/09 المؤرخ في 25/02/2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
إذا كان التخلي عن مبدأ وحدة القضاء و الرجوع إلى مبدأ ازدواجية الجهات القضائية لم يؤثر على الإجراءات المدنية ، فإن القانون الجديد المتضمن الإجراءات المدنية و الإدارية أدخل تعديلات جوهرية و ذات أهمية بمكان على كل جوانب الإجراءات. و من ميزات القانون الجديد أنه نزع الغموض الذي كان سائدا في بعض الإجراءات التي كان يتضمنها قانون الإجراءات المدنية القديم. و حرص المشرع على تدقيق إجراءات التداعي انعكس على حجم النصوص الواردة في القانون الجديد التي بلغت 799 مادة إذا نزعنا المواد االمخصصة للإجراءات المتبعة أمام الجهات القضائية الإدارية ، في حين أن قانون الإجراءات المدنية القديم لم يكن يتضمن سوى 479 مادة بما فيها المواد المخصصة للإجراءات أمام القضاء الإداري.
إلى جانب هذين الاصلاحين الهامين اللذان طرءا على النظام القضائي الجزائري ، فلقد صدرت قوانين أخرى لا تقل أهمية ، و نذكر منها القانون العضوي رقم 05-11 المؤرخ في 17/07/2005 المتعلق بالتنظيم القضائي ،و القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 06/09/2004 المتضمن القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء، و القانون العضوي رقم 11-12 بتاريخ 26/07/2011 المتعلق بصلاحيات المحكمة العليا و تنظيمها و سيرها.
قانون الإجراءات المدنية و الإدارية الجديد الذي هو موضوع هذه الدراسة و إن كان حقا قد نزع اللبس و الغموض عن بعض الإجراءات فإنه لم يخلو هو كذلك من بعض النقائص و الثغرات قد يكون لها تأثيرا على حسن سير الخصومات القضائية .إن هذا الفراغ ليس له مبرر خاصة و أن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية صدر بعد تنصيب لجنة كلفت بإعداده مكونة من مختصين في القانون و كذا من قضاة سامين و بعد إثراء دام قرابة ثمانية سنوات. سنرى أن الإشكالات التي تثيرها بعض أحكام هذا القانون تستوجب تعديلات و تصحيحات في جوانب عدة.
دافع هذه الدراسة ليس فحص كل الأحكام ذات صلة بالإجراءات المدنية و لكن ستقتصر على معاينة الأخطاء و النقائص المتصلة بهذا القانون و صعوبات تطبيقه في أمل أن تعكف الجهات المختصة في معالجة هذه العيوب التي أظهرت الممارسة القضائية أثرها السلبي على حسن سير الخصومات القضائية.
سنتطرق للأحكام التي تثير إشكالات و صعوبات تطبيقية حسب ترتيب المواد في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية ( ق.إ.م.إ.).