المدعى عليها البلدية و في مذكرة جوابها لم تنكر أن السيدة أ.م. أنجزت فعلا الأشغال المتفق عليها و دفعت فقط بأنه استحال عليها تسديد مستحقات هذه الأخيرة لأسباب خارجة عن إرادتها.
المحكمة الإدارية أصدرت حكمها بتاريخ 02/03/2015 قضت فيه بعدم قبول الدعوى.
المحكمة الإدارية قضت من تلقاء نفسها بعدم القبول بسبب أن الدعوى رفعت من طرف السيدة أ.م. كشخص طبيعي فيما أن الأشغال أقيمت من طرف شخص معنوي خاص و هي مؤسسة الأشغال.
هذا الحكم يثير مسألتين:
الأولى تتعلق بإجراءات التقاضي أمام المحكمة الإدارية و بالخصوص هل يجوز للمحكمة الإدارية إثارة بطلان إجراء من الإجراءات من تلقاء نفسها دون أن يثره الخصم.
المسألة الثانية هي معرفة طبيعة الشخص المعنوي و هل أن مقاولة أشغال البناء التي لم تقيد في السجل التجاري بهذه الصفة هي فعلا شخصا معنويا.
السيدة أ.م. و إن كانت مسيرة لمقاولة مختصة في الباء و الأشغال العمومية فإنها قيدت في السجل التجاري باسمها الشخصي كشخص طبيعي .
الشخص المعنوي الخاص الذي يمارس نشاطا تجاريا ينحصر في إحدى الشركات التي حددتها المادة 544 من القانون التجاري أي : شركات التضامن ، شركات التوصية، الشركات ذات المسؤولية المحدودة و شركات المساهمة.
الشركة التجارية و خلافا للتاجر كشخص معنوي تثبت تحت طائلة البطلان بعقد رسمي كما يجب أن يحدد شكلها و مدتها و عنوانها و اسمها و مركزها و موضوعها و مبلغ رأسمالها في قانونها الأساسي و كل هذه العقود التأسيسية يجب أن تودع لدى المركز الوطني للسجل التجاري الكل عملا بأحكام المادتين 545 و 546 و 548 من نفس القانون.
و إما حيازة الشركة للشخصية المعنوية فيكون من تاريخ قيدها في السجل التجاري و هذا طبقا للمادة 549 من القانون التجاري.
في الدعوى التي صدر فيها الحكم موضوع هذا التعليق فإن السيدة أ.م. شرحت بأنها تاجرة و مسيرة لمقاولة أشغال البناء و هي مسجلة في السجل التجاري بصفتها الشخصية و لم تدفع بأن العقد الذي أبرمته مع البلدية كان باسم شركة تجارية.
كون السيدة أ.م. تم تسجيلها في السجل التجاري كشخص طبيعي فإنها رفعت دعواها ضد البلدية باسمها الشخصي و بكونها تاجرة.
حكم المحكمة الإدارية قضى بأنه على السيدة أ.م. رفع دعواها باسم مقاولة الأشغال العمومية و البناء بصفتها شخص معنوي و رفعها باسمها الشخصي اعتبرته مخالفا للقانون.
لاشك أن المحكمة الإدارية اعتبرت عن خطأ بأنه كان على السيدة أ.م. رفع دعواها باسم الشخص المعنوي و هذا لسبب بسيط هو أنه لا وجود لشخص معنوي و المحكمة تكون هنا قد خلطت بين مصطلح " الشركة التجارية " التي لها الشخصية المعنوية و " المقاولة " التي لا يعدو أنها تحيل إلى نشاط تجاري ليس لها الشخصية المعنوية.
لمعرفة ما إذا كان الأمر يتعلق بشخص معنوي فإنه يجب الرجوع إلى شكل إنشاء هذا الشخص المعنوي فإذا تعلق الأمر بشركة أنشئت حسب القواعد التي سبق عرضها و تم قيدها في السجل التجاري بعنوان " شخص معنوي " فنكون هنا دون شك أمام شخص معنوي يجب أن ترفع الدعوى باسمه تحت طائلة عدم القبول و إما إذا كان الأمر يتعلق بنشاط مقيد في السجل التجاري بعنوان " شخص طبيعي" و كان هذا النشاط غير ممارس من شركة تم إنشائها حسب القواعد المذكورة فإننا نكون هنا أمام تاجر فيجب رفع الدعوى باسمه الشخصي و ذلك حتى و إن كان السجل التجاري قد أشير إلى النشاط باسم " مؤسسة أو مقاولة ".
هذا هو حال السيدة أ.م. التي قيدت في السجل التجاري بهذه الصفة فرفعها للدعوى باسمها الشخصي كان مطابقا للقانون.
من جهة أخرى في افتراض أن السيدة أ.م. و بغرض ربح الوقت و عدم المغامرة في رفع استئناف في حكم المحكمة أمام مجلس الدولة اختارت إعادة طرح الدعوى أمام نفس المحكمة مع الأخذ بعين الاعتبار ما قضى به الحكم المؤرخ في 02/03/2015 أي رفعها باسم " مقاولة البناء و الأشغال العمومية " بصفتها شخص معنوي فما هي طبيعة هذا الشخص المعنوية علما أن عريضة افتتاح الدعوى يجب حسب المادة 14 من أن تتضمن " تحت طائلة عدم القبول " الإشارة إلى طبيعة الشخص المعنوي و المحكمة التجارية نفسها قضت في عدة مناسبات بعدم قبول العريضة لهذا السبب. " المقاولة" التي تسيرها السيدة أ.م. ليست شركة تجارية بل ليس لها أي وجود قانوني و لا أي طبيعة قانونية. السيدة أ.م. كما سبق شرحه تمارس نشاطها كمقاولة في البناء و الأشغال العمومية بصفتها تاجرة و مسجلة بالسجل التجاري بهذه الصفة فلها أهلية و صفة التقاضي.
قواعد إثارة البطلان تلقائيا أمام المحكمة الإدارية:
المحكمة الإدارية قضت بعدم قبول الدعوى لرفعها من طرف شخص طبيعي عوضا من الشخص المعنوي فيما أن عدم القبول هذا لم يثره الخصم و لكن أثارته المحكمة من تلقاء نفسها.
خلافا لما هو معمول به أمام القضاء المدني ففي المنازعات الإدارية فإن المادة 843 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية نصت عن قاعدة متميزة مفادها أنه : "عندما يتبين لرئيس تشكيلة الحكم أن الحكم يمكن أن يكون مؤسسا على وجه مثار تلقائيا،يعلم الخصوم قبل جلسة الحكم بهذا الوجه و يحدد الأجل الذي يمكن فيه تقديم ملاحظاتهم على الوجه المثار،دون خرق آجال اختتام التحقيق ".
الحكم محل التعليق أثار تلقائيا الوجه المأخوذ من أن الدعوى رفعت من شخص طبيعي بدلا من الشخص المعنوي و ذلك دون تمكين السيدة أ.م. بإبداء ملاحظاتها حول هذه المسألة مما يجعل الحكم عرضة للبطلان في حالة الطعن فيه.
الاستاذ براهيمي محمد
محامي لدى المجلس
026838165
brahimimohamed54@gmail.com
www.brahimi-avocat.e- monsite.com