هذا الإجراء الخاص بالاعتراض على ترقيم عقار أمام المحافظ العقاري هو منصوص عليه في المادة 15 من المرسوم التنفيذي رقم 76-63 المؤرخ في 25 مارس 1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري. بموجب هذا الإجراء فإن الشخص الذي ينازع ملكية عقار محل طلب الترقيم من طرف شخص آخر فإن الأول يقدم اعتراض على هذا الترقيم أمام المحافظ العقاري يدعي فيه أنه هو المالك الشرعي لها العقار . بمجرد تلقيه هذا الاعتراض، يقوم المحافظ العقاري بإجراء محاولة صلح بين الطرفين. إذا فشلت محاولة الصلح يقوم المحافظ العقاري بتحرير محضر عدم الصلح . بعد استلام محضر عدم الصلح ، يمكن للطرف الذي نازع إجراء الترقيم تقديم اعتراضه إلى القسم العقاري للمحكمة مع طلب إلغاء هذا الترقيم و الاعتراف له بملكية العقار موضوع النزاع. من جانبه ، يمكن للطرف الآخر الذي استلم هو كذلك نسخة من محضر عدم الصلح رفع دعوى أمام نفس المحكمة بغرض رفع الاعتراض على ترقيم العقار.
تطبيقا لأحكام المادة 15 من المرسوم رقم 76-63 المؤرخ 25 مارس 1976 ، اعتبرت بعض الجهات القضائية أن إجراء محاولة الصلح المسبق أمام المحافظ العقاري هو من النظام العام ، وبالتالي إذا رفعت الدعوى أمام المحكمة دون إرفاق محضر محاولة الصلح في ملف القضية فإنه يمكن للجهة القضائية التصريح بعدم قبول الدعوى من تلقاء نفسه. اعتبار بعض الجهات القضائية إجراء الصلح المسبق أمام المحافظ العقاري كإجراء من النظام العام يعني أنه حتى في حالة ما إذا أغفلت المحكمة أو حتى المجلس القضائي التصريح بعدم قبول الدعوى لعدم إرفاق محضر عدم الصلح فإنه يجوز حتى للمحكمة العليا في حالة ما قدم أمامها طعن بالنقض أن تقضي بذلك و لو لم يثر الأطراف الدفع بعدم القبول أمام الجهات القضائية السفلى . المشكلة هي أنه في كثير من الأحيان لا يتم النظر في الاعتراضات المقدمة إلى المحافظين العقاريين أو تظل هذه الاعتراضات معلقة ، مما يدفع الطرف الذي يهمه التعجيل إلى رفع دعوى مباشرة إلى المحكمة دون تقديم محضر عدم الصلح الذي يعده للمحافظ العقاري. رغم أن المتقاضين يقدمون أمام الجهة القضائية ما يثبت أنهم سجلوا أمام مصالح الحفظ العقاري اعتراض على الترقيم دون جدوى فإن المحاكم و حتى المجالس القضائية اعتادت التصريح بعدم قبول الدعوى.
لا شك أن هذا لقضاء الذي كرسته الجهات القضائية السفلى يضر بالمتقاضين الذين ، بالنسبة للبعض ، وجدوا أنفسهم مجردين من عقاراتهم من قبل أشخاص ذوي النية السيئة الذين استغلوا الأخطاء التي يرتكبها أعوان إدارة مسح الأراضي أثناء عملية المسح للاستيلاء على ممتلكات الغير. هذا القضاء يكون أكثر عرضة للنقد إذا علما أن الخطأ الأصلي يرجع لا للمتقاضين بل للمحافظ العقاري الذي تجاهل الفصل في في الاعتراضات التي قدمت له. لذا فإن المحكمة العليا و في قرار مؤرخ في 16 سبتمبر 2021 ملف رقم 1324283 وضعت حدا لهذا القضاء الغير المركز و قضت بأن عدم تقديم محضر عدم الصلح المحرر من قبل المحافظ العقاري لا يشكل عائقا على الدعوى متى ثبت أن المدعي قدم قبل رفع دعواه اعتراض على الترقيم المؤقت للعقار محل النزاع أمام المحافظ العقاري الذي لم يفصل فيه . قضت المحكمة العليا كذلك في نفس القرار أنه بما أن المدعي غير مسئول عن عدم تسليم محضر عدم الصلح وأن المحافظ العقاري هو المخطئ بعدم الرد في أجل معقول على الاعتراض الذي قدم له.
قرار المحكمة العليا الذي يكتسي فعلا أهمية بالغة جعل حدا لقضاء الجهات القضائية السفلى الذي ألحق أضرارا بليغة بالمتقاضين. من الآثار الأخرى لهذا القضاء الخاطئ لقضاة الموضوع أنه حول الترقيم المؤقت لى ترقيم نهائي لأنه من جهة يمكن للطرف الذي يكون قد استحوذ على عقار الطرف الآخر دون وجه حق أن يتمسك بالحكم الذي صدر لصالحه و من جهة أخرى فإن أجل السنتين المقرر قانونا ليتحول الترقيم المؤقت إلى ترقيم نهائي يكون قد انقضى.
عمليا ، يجب على الشخص الذي يرغب في تقديم اعتراض أمام المحافظ العقاري لمنازعة الترقيم المؤقت للعقار المتنازع عليه أن يقوم بما يلي : أولا يجب التأكد من أن العقار لم يخضع إلا لترقيم مؤقت و ليس لترقيم نهائي . طبيعة الترقيم هل هو ترقيم مؤقت أو ترقيم نهائي هو مؤشر عليه في البطاقة العقارية المسلمة من طرف المحافظ العقاري لأي شخص يطلبها. إذا كان الترقيم نهائيًا فلا داعي لتقديم اعتراض أمام المحافظ العقاري لأن في هذه الحالة يجب رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية التي تكون وحدها مختصة لإلغاء أو تعديل هذا الترقيم . بالعكس إذا كان الترقيم مؤقتا ،يجب تقديم الاعتراض على هذا الترقيم مرفقا بالمسندات اللازمة إلى المحافظ العقاري الموجود في دائرة اختصاصه العقار. ليتسنى إثبات تقديم هذا لاعتراض فإنه يجب إرسال هذا الاعترتض عن طريق رسالة مضمنة مع الإشعار بالاستلام أو كذلك عن طريق محضر قضائي.
بموجب المادة 15 من المرسوم رقم 76-63 المؤرخ في 25 مارس 1976 فإنه يجب على المحافظ العقاري الرد على الاعتراض على الترقيم المؤقت المرفوع إليه وذلك بإجراء محاولة الصلح بين الأطراف . إذا لم يجب المحافظ العقاري على هذا الاعتراض بالرفض أو بالقبول ، فمن الواضح أن الشخص الذي قدم هذا الاعتراض لا يجب أن يبقى ينتظر هذا الرد إلى أجل غير محدد . في هذه الحالة و تماشيا مع القضاء الجديد الذي ثبته قرار المحكمة العليا فإنه يمكن للشخص المعني رفع دعواه مباشرة أمام القسم العقاري للمحكمة دون إمكانية الاحتجاج ضده بالدفع بعدم قبول دعواه لانعدام تقديم محضر عدم الصلح . السؤال الذي يبقى معلقاً هو الأجل الذي يجب على المعترض أو المعترض ضده احترامه لرفع دعواهامام المحكمة علما أنه في كل الحالات فإنه لا يمكن للمحافظ العقاري فحص الاعتراض على الفور وأن ذلك سوف يستغرق بعض الوقت . القانون لم يعالج هذه المسألة و مع ذلك فإنه يجب تطبيق لحل هذا الإشكال أحكام المادة 830 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية. إذا انقضت مدة شهرين من تاريخ إخطار المحافظ العقاري بالاعتراض على الترقيم المؤقت و لم يتلقي المعترض أي رد من طرف هذا الأخير فإن ذلك يعتبر رفض ضمني للفصل في هذا الاعتراض و من ثمة يمكن للمعترض رفع دعواه مباشرة أمام المحكمة مع تقديم السند الذي يثبت أنه رفع اعتراض أمام المحافظ العقاري.
> شروط ممارسة حق الشفعة
عرفت المادة 795 من القانون المدني الشفعة بأنها رخصة تجيز الحلول محل المشتري في بيع العقار . و تطبيقا لهذا النص فإن حق الشفعة يثبت :
- لمالك الرقبة إذا بيع الكل أو البعض من حق الانتفاع المناسب للرقبة.
- للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى أجنبي.
- لصاحب حق الانتفاع إذا بيعت الرقبة كلها أو بعضها.
في قرار مؤرخ في 16 سبتمبر 2021 ملف رقم 1335252 ، فإن المحكمة العليا فصلت في نقطة لم ينص عليها القانون على وجه التحديد. تعترف الفقرة 2 من المادة 795 من القانون المدني حق الشفعة للشريك في الشيوع إذا بيع جزء من العقار المشاع إلى أجنبي. لم يحدد القانون اللحظة التي يكتسب فيها الشخص صفة الشريك في الشيوع لممارسة حق الشفعة. القرار المؤرخ في 16 سبتمبر 2021 أعطى حلا لهذا الإشكال إذ قضى بأنه إذا كان حق الشفعة يثبت للشريك في الشيوع إذا بيع بيع جزء من القار إلى أجنبي فإن وقت ثبوت هذا الحق يكون بتاريخ إبرام عقد البيع.
> القسمة القضائية للملكية الشائعة: توزيع الحصص هو من اختصاص القاضي وليس الخبير // علاقة الطعن بالنقض بالتماس إعادة النظر
بسبب سوء فهم القانون ما زالت بعض الجهات القضائية تسند للخبراء المعينين في دعوى قسمة العقار مهمة توزيع الحصص على الشركاء في الشيوع بعد إعداد مشروع القسمة . في قرارها المؤرخ في 16 سبتمبر 2021 ملف رقم 1314951 فإن المحكمة العليا ثبتت و ذكرت قضاة الموضوع بقضائها السابق الذي مفاده أنه إذا كان يرجع للخبير المعين من طرف القاضي في دعوى قسمة ملكية شائعة تكوين الحصص على أساس أصغر نصيب فإنه يرجع للقاضي و ليس للخبير توزيع الحصص بناء على قرعة و هذا عملا بأحكام المواد 724 و 726 و 727 من القانون المدني..
في القضية التي صدر فيها قرار المحكمة العليا المؤرخ في 16 سبتمبر 2021 فإن مجلس قضاء عين الدفلة و بموجب قرار مؤرخ في 12 نوفمبر 2017 فصل في دعى قسمة عقار مشاع و صادق على مشروع القسمة المقترح من قبل الخبير المعين كما صادق على توزيع الحصص الذي أجراه نفس الخبير . المحكمة العليا أبطلت و نقضت قرار المجلس على أساس أن توزيع الحصص بين الشركاء في الشيوع هي مسألة قانونية يجب أن يفصل فيها القاضي بناء على قرعة و ليس الخبير.
في نفس القرار تطرقت المحكمة العليا إلى قاعدة المادة 352 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي تنص أنه لا يقبل الطعن في ذات الوقت بالتماس إعادة النظر في الأحكام و القرارات المطعون فيها بالنقض. في القضية التي در فيها قرار المحكمة العليا فإن المدعى عليه في الطعن بالنقض دفع بأن الطعن بالنقض المرفوع أمام المحكمة العليا هو طعن غير مقبول و ذلك بحجة أن المدعى في الطعن بالنقض قدم طعنا موازيا بطريق التماس إعادة النظر ضد نفس قرار المجلس . رفضت المحكمة العليا هذا الدفع بسبب أنه في حالة ما إذا كان قرار المجلس محل طعن بالنقض و التماس إعادة النظر في نفس الوقت فإن الطعن الذي يجب التصريح بعدم قبوله هو التماس إعادة النظر و ليس الطعن بالنقض.
تطرح المادة 352 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية بصيغتها الحالية وتفسيرها من قبل المحكمة العليا إشكالا لأن القول بأن الطعن بالنقض يستتبع تلقائيا عدم قبول التماس إعادة النظر قد يكون من نتائجه حرمان المتقاضي من درجة التقاضي نص عليها القانون. كون أوجه الطعن الثمانية عشرة التي يتأسس عليها الطعن بالنقض المنصوص عليها في المادة 358 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية لم تنص عن الوجه المأخوذ من التزوير ، فان \الطرف الذي يكشف موازاة مع الطعن بالنقض الذي رفعه أن الحكم أو القرار قد صدر على أساس تزوير قد يرفض طعنه بالتماس إعادة النظر المرتكز على المادة 390 و ما بعدها من قانون الإجراءات المدنية والإدارية فقط على أساس انه رفع طعن بالنقض موازاة في نفس الحكم أو القرار . هذه القاعدة تصبح في النهاية بمثابة مكافئة للتزوير و لسوء نية المتقاضي الذي استعمل وسائل احتيالية لربح دعواه.
القاعدة التي أقرتها المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 16/09/2021 تفسيرا لنص المادة 352 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية التي مفادها أنه يجب التصريح بعدم قبول التماس إعادة النظر في حالة ما كان الحكم أو لقرار محل هذا الطعن قد طعن فيه في نفس الوقت عن طريق الطعن بالنقض أثارت جدلا فقهيا . موقفنا الشخصي من هذه المسألة ورد في مؤلفنا بعنوان '" إجراءات التقاضي أمام الجهات القضائية المدنية" و نقدم طيه المستخرج من المؤلف الذي تناول هذه المسألة :
" قانون الإجراءات المدنية و الإدارية أقر قواعد مرنة من شأنها توسيع مجال قبول التماس إعادة النظر إذ يجيز مباشرة هذا الطعن بمجرد حيازة الحكم قوة الشيء المقضي فيه حتى و إن كان هذا الطابع قد طرأ بسبب فوات أجل المعارضة أو الاستئناف. و مع ذلك إذا رفع طعن بالنقض ضد قرار ، وقضت المحكمة العليا برفضه أو بعدم قبوله ، فإنه لا يجوز للطاعن أن يطعن في القرار المطعون فيه أمام المحكمة العليا بالتماس إعادة النظر (م. 375 ق.إ.م.إ.). من جهة أخرى فإن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية حاول جعل حد للجدل الذي كان قائما في ظل التشريع القديم حول مسألة ما إذا كان يجوز مباشرة الطعن بالنقض موازاة مع التماس إعادة النظر و لكن نعتقد أنه أخفق في هذا المسعى .المادة 352 تنص من جهتها أنه: "لا يقبل الطعن في ذات الوقت بالتماس إعادة النظر في الأحكام و القرارات المطعون فيها بالنقض ". القواعد الواردة في المادتين 375 و 352 تثير بعض الملاحظات.
مشكل تداخل الطعن بالتماس إعادة النظر بالطعن بالنقض كان مطروحا بحدة في ظل قانون الإجراءات المدنية القديم و السؤال الذي كان قائما و الذي لم يعطي له القضاء حلا مرضيا و نهائيا هو معرفة ما إذا كان يجوز مباشرة هذين الطعنين غير العاديين بالتوازي أو بالتتابع أو يجب الخيار بينهما. و مع ذلك فإن المحكمة العليا و بصفة عرضية و بمناسبة فصلها في دعوى تثير إشكالية الإقرار القضائي، فإنها قضت بأنه يجوز مباشرة كل من الطعن بالنقض و التماس إعادة النظر على التوالي أو بالتوازي متى كانت شروطهما الشكلية متوفرة و أن الطعن بالنقض لا يحول دون رفع التماس إعادة النظر ( قرار للمحكمة العليا ، الغرفة المدنية ،13 نوفمبر 1996،ملف رقم 144603، المجلة القضائية لسنة 1996 العدد 2 ، صفحة 49 ) .هذا الإشكال كان مصدره تداخل بعض أوجه التماس إعادة النظر بأوجه الطعن بالنقض على غرار الوجه المأخوذ من عدم مراعاة الأشكال الجوهرية الذي كان يشكل في نفس الوقت وجها للالتماس و وجها للطعن بالنقض ( م.194-1 و 233-2 من قانون الإجراءات المدنية القديم ) ،و نفس الشيء بالنسبة للوجه المأخوذ من السهو عن الفصل في أحد الطلبات الذي يشكل وجها لالتماس إعادة النظر ( م.194-2 من قانون الإجراءات المدنية القديم ) كما قد يشكل وجها للطعن بالنقض لأن السهو عن الفصل في أحد الطلبات هو بمثابة خرق لمبدأ إلزامية الجهات القضائية بالإجابة على كل طلبات الأطراف أي خرق للقانون يكون مرفقا كذلك بانعدام التسبيب الذي هو كذلك وجه من أوجه الطعن بالنقض.
هذا التداخل بين الطعنين و الإشكالات المترتبة عن ذلك دفعت بعض الفقهاء إلى اقتراح حلول تتلخص في جعل التماس إعادة النظر مستقل عن الطعن بالنقض و ذلك بتقليص أوجه الالتماس لتقتصر على الأوجه المأخوذة من الغش أو التزوير أي أوجه من الوقائع و ترك للطعن بالنقض الأوجه القانونية المحضة.هذا الإصلاح سيسمح باللجوء إلى كلا الطعنين و لو بالتزامن أو بالتتابع ما دام كل منهما يخضع لأوجه و آجال خاصة بكل واحد منهما و غير متداخلة و أغلب التشريعات الحديثة أخذت بهذا النظام.
إذا رجعنا إلى أوجه التماس إعادة النظر و أوجه الطعن بالنقض في قانون الإجراءات المدنية و الإدارية فلا شك أن المشرع الجزائري استلهم هو كذلك من الآراء الفقهية التي نادت بتبسيط أوجه التماس إعادة النظر و فصل هذا الطعن نهائيا عن الطعن بالنقض.لذلك فإن أوجه التماس إعادة النظر قلصت إلى سببين فقط مأخوذين من التزوير ( شهادة شهود أو وثائق مزورة ) و من اكتشاف أوراق حاسمة محتجزة لدى الغير (م.392 ق.إ.م.إ.).وأما الأوجه الأخرى التي كان يبنى عليها التماس إعادة النظر في ظل قانون الإجراءات المدنية القديم (الحكم بما لم يطلب، وجود أحكام متناقضة، تناقض في الحكم نفسه،عدم الدفاع عن عديمي الأهلية) ،فإنها أصبحت أوجه للطعن بالنقض في التشريع الجديد (م.358 ق.إ.م.إ.).و بغرض التمييز بين الطعنين فإن المادة 390 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية تنص أن التماس إعادة النظر يهدف إلى مراجعة الحكم المطعون فيه و الفصل من جديد من حيث " الوقائع و القانون " ،علما أن الطعن بالنقض يرمي فيما يخصه إلى الفصل فقط في المسائل القانونية دون الوقائع.
النتيجة الضرورية و الحتمية للإصلاح الذي أدخله قانون الإجراءات المدنية والإدارية على نظام التماس إعادة النظر و الطعن بالنقض لا سيما فيما يتعلق بالأوجه التي يؤسسان عليها هو أن منع الجمع بين هذين الطعنين أي مباشرتهما في نفس الوقت أو بالتتابع لم يصبح له مبررا. كون أوجه التماس إعادة النظر أصبحت مستقلة و لا تتداخل مع أوجه الطعن بالنقض، فإنه يجوز منطقيا مباشرة هذين الطعنين في نفس الحكم بالتزامن أو بالتتابع علما أن بدء أجل رفع هذين الطعنين يختلف إذ أن أجل الطعن بالنقض يسري من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه ،فيما أن أجل التماس إعادة النظر لا يسري إلا من تاريخ ثبوت التزوير أو تاريخ اكتشاف الوثيقة المحتجزة. تبعا لذلك فإذا رفع التماس إعادة النظر في حكم و دفع المدعى عليه بأن نفس الحكم هو محل طعن بالنقض لم يفصل فيه بعد أو أنه طعن فيه بالنقض و رفض هذا الطعن، فإن المجلس القضائي يكون رغم ذلك مختصا للفصل في الطعن بالالتماس و لا يجوز له التصريح بعدم قبوله. و أما إذا سبق تقديم التماس إعادة النظر في حكم و فصل فيه بإلغاء الحكم المطعون فيه و كان الطعن بالنقض ضد نفس الحكم ما زال مطروحا أمام المحكمة العليا، فإن هذه الأخيرة ستقضي بألا وجه للفصل و هذا ما قضى به مثلا مجلس النقض الفرنسي على أساس أحكام قانون الإجراءات المدنية الفرنسي الذي أقر نفس النظام بالنسبة لأوجه التماس إعادة انظر.
و لكن و كما سبق شرحه فإن المادتين 352 و 375 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية تضمنتا أحكاما تناقض القواعد السالفة الذكر إذ تقران من جهة عدم قبول الطعن في ذات الوقت بالتماس إعادة النظر في الحكم المطعون فيه بالنقض (م.352)، و من جهة أخرى تمنع التماس إعادة النظر في الحكم الذي سبق أن طعن فيه بالنقض و قضت المحكمة العليا برفضه أو بعدم قبوله (م.375).و إذا كانت المادة 375 واضحة لا تترك مكانا للتأويل، فإن المادة 352 تثير تساؤلات حول مدلولها.المادة 352 تمنع الطعن بالتماس إعادة النظر في حكم هو محل طعن بالنقض " في ذات الوقت " أي أن المنع يخص التماس إعادة النظر الذي يكون متزامنا مع طعن بالنقض.فهل يجوز حينئذ رفع التماس إعادة النظر إن كان غير متزامنا مع الطعن بالنقض؟ و ما معنى عبارة " في ذات الوقت "؟هل تعني أن يكون كلا الطعنين ضد نفس الحكم قد أودعا و سجلا بأمانة الضبط في نفس التاريخ أم يكفي أن تكون الخصومة مطروحة أمام المحكمة العليا ؟و إذا كان لا يجوز رفع التماس إعادة النظر إذا كان نفس الحكم موضوع طعن بالنقض فهل يجوز رفع طعن بالنقض إذا كان الحكم المطعون فيه موضوع التماس إعادة النظر؟
الإجابة عن هذه الأسئلة لها أهمية بمكان نظرا لتأثيرها على حقوق المتقاضين و على مبدأ ضمان قضاء عادل.أهمية المسألة تبرز في المثال الآتي: قد يقع أن يكشف المتقاضي أن الحكم الذي صدر ضده بني على وثيقة مزورة أو ثبتت قضائيا تزويرها بعد أن أصبح هذا الحكم باتا أي بعد مروره على طريق الطعن بالنقض.فهل يجوز تقديم طعن بالتماس إعادة النظر في الحكم الذي سبق و أن طعن فيه بالنقض؟ و من زاوية أخرى إذا رفع المتقاضي التماس إعادة النظر في حكم ارتكازا على التزوير طبقا للمادة 392 و قضت الجهة القضائية برفضه هل يمكنه رفع طعن بالنقض ضد نفس الحكم ؟ بالنسبة للحالة الأولى رأينا أن المادة 375 تمنع صراحة ذلك. و إما في الحالة الثانية فنعتقد أن الطعن بالنقض يبقى مفتوحا فيجوز لمن رفض طعنه بالتماس إعادة النظر أن يطعن بالنقض في نفس الحكم أمام المحكمة العليا.
يستخلص مما سبق عرضه أن الإصلاحات الهامة التي أدخلها المشرع على نظام التماس إعادة النظر و الطعن بالنقض قد أفسدت بسبب إقرار قانون الإجراءات المدنية والإدارية لقواعد تتعارض مع هذه الإصلاحات و ذلك حينما منع مباشرة هذين الطعنين في نفس الوقت أو بالتتابع و هذا الوضع سينعكس سلبيا على المتقاضي ".
2- الغرفة التجارية
> المنازعات في حالة التأخر في صرف قيمة سندات القرض الوطني
لتمويل النمو الاقتصادي ، قد تلجأ الدولة إلى الاقتراض . لهذا الغرض و تطبيقا للمادة 4 من قانون المالية لسنة 1983 فلقد رخص لوزير المالية اللجوء إلى عمليات اقتراض على شكل حسابات مكشوفة و قروض و تسبيقات و إصدار سندات قصيرة و متوسطة و طويلة الأمد لتغطية كل أعباء الخزينة و خاصة الأعباء الناجمة عن استهلاك الدين العمومي. تطبيقا لهذا النص التشريعي اتخذ وزير المالية قرارا مؤرخا في 28 مارس 2016 حدد الشروط و الكيفيات التي تصدر الخزينة العمومية وفقها سندات القرض الوطني للنمو الاقتصادي. هذه السندات التي تصدر في شكل سندات اسمية أو سندات لحاملها لمدة 3 أو 5 سنوات و بنسبة الفائدة قدرها 5٪ أو 5.75٪ تكون قابلة للتسديد عند الاستحقاق أو مقدما.
في قرار مؤرخ في 11 نوفمبر 2021 ملف رقم 1487701 فصلت المحكمة العليا في نزاع متعلق بإجراءات صرف قيمة السندات اكتتبت من طرف شخص طبيعي. في الدعوى الأصلية فإن مكتتب سند القرض الذي أبلغ بقرار رفض طلبه باسترداد المبلغ المودع على سبيل القرض السندى رفع دعوى ضد البنك الوطني الجزائري أمام محكمة قسنطينة بصفته المؤسسة التي فتح لديها اكتتاب سند الخزينة و ذلك بغرض تسديد مبلغ الاكتتاب و كذا تعويضه .إذا كان حكم المحكمة قد استجابت لطلب المدعي المكتتب فإن مجلس قضاء قسنطينة و إثر نظره في الاستئناف قضى بإبطال هذا الحكم و رفض دعوى المكتتب بسبب أن البنك الوطني الجزائري ليس له صفة التقاضي في الدعوى و إثر الطعن بالنقض الذي رفعه المكتتب ضد قرار المجلس أصدرت المحكمة العليا القرار السالف الذكر الذي أيد ما قضى به قرار مجلس قضاء قسنطينة .
لتبرير قرارها برفض الطعن بالنقض ضد قرار مجلس قضاء قسنطينة الذي قضى برفض طلب المكتتب بتسديد المبلغ المودع على سبيل القرض السندى فإن المحكمة العليا قضت أنه متى كانت سندات القرض الوطني للنمو الاقتصادي المعرفة بالقرض السندي للاستثمار من مدخرات المواطنين و تصدرها الخزينة العامة و توزع على طالبيها عن طريق المؤسسات المالية التي تفتح لديها صناديق الاكتتاب لقاء نسبة من الفوائد لتمويل الاستثمار العمومي ، فإن الخزينة تبقى المسئولة الوحيدة عن التأخير في التسديد على اعتبار أن المؤسسات المالية مجرد وسيط بين مقتني السند و الخزينة العامة وهذا عملا بالمادة 4 من القرار الوزاري المؤرخ في 28 مارس 2016.
تطبيقا لهذا القضاء ، فإن أي دعوى ترفع من طرف مكتتب يكون موضوعها تسديد المبلغ المودع على سبيل قرض سندي يجب أن توجه ضد الخزينة العمومية و ليس ضد المؤسسة المالية التي فتح لديها صندوق الاكتتاب . هذا القضاء له أثر على الجهة القضائية المختصة نوعيا. يجب أن ترفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية و ليس أمام القسم التجاري أو القسم المدني للمحكمة العادية و ذلك كون الخزينة العمومية هي مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية و من ثمة فالدعوى التي تكون الخزينة طرفا فيا تدخل في اختصاص الجهة القضائية الإدارية و ذلك طبقا لأحكام المادة 800 من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية.
> الوكيل العقاري: االزامية إبرام اتفاق مكتوب بين الوكيل العقاري و الزبون>
في قرار مؤرخ 14 أكتوبر 2021 ملف رقم 1468205 ، تطرقت لمحكمة العليا إلى نزاع يخص حقوق و واجبات الوكيل العقاري لا سيما استحقاق هذا الأخير لأجرة مقابل خدماته. قضت المحكمة العليا أنه و لئن كان للوكيل العقاري الحق في استيفاء أجر مقابل الخدمة التي أداها لفائدة زبونه فعلى شرط أن يكون هذا الأجر قد سبق أن حدد في اتفاق مكتوب و ذلك طبقا لأحكام المادة 35 من المرسوم التنفيذي رقم 09-18 المؤرخ في 20 يناير 2009 المحدد للتنظيم المتعلق بممارسة مهنة الوكيل العقاري.
وقائع القضية التي فصلت فيها المحكمة العليا تتلخص في أن زبون اتصل بوكيل عقاري لإيجاد له محل تجاري قصد الإيجار و قد أنجز الوكيل العقاري الخدمة المتفق عليها إذ أبرم عقد إيجار بين الزبون و مالك محل تجاري مقابل بدل إيجار شهري يدفع للمؤجر و قد تم ذلك دون إبرام عقد بين الزبون و الوكيل العقاري يحدد حقوق و التزامات الطرفين و إثر سوء تفاهم رفع الوكيل العقاري دعوى ضد زبونة أمام محكمة الشراقة يطلب فيها إلزامه بدفع له الأجر المنصوص عليه في المادة 34 من المرسوم التنفيذي رقم 09-18 المؤرخ في 20 يناير 2009 أي قيمة شهر عن كل سنة تأجير. المحكمة استجابت لهذا الطلب و إثر الاستئناف المرفوع من قبل الزبون أيد مجلس قضاء تيبازا حكم المحكمة على أساس أنه ما دام ثبت أن الوكيل العقاري قدم خدمته فإن الزبون يكون ملزما بتسديد أجرته.
الزبون المحكوم عليه رفع أمام المحكمة العليا طعن بالنقض ضد قرار مجلس قضاء تيبازا و فصلا في هذا الطعن صدر القرار المؤرخ في 14 أكتوبر 2021 الذي قضى بنقض و إبطال قرار المجلس على أساس أنه في غياب وكالة مكتوبة تحدد بوضوح حقوق و واجبات الطرفين فإن الوكيل العقاري يكون غير مؤسس في طلب إلزام الزبون بتسديد مستحقات خدماته. قرار المحكمة العليا قضى بنقض و إبطال قرار المجلس مع إحالة القضية و الأطراف أمام نفس المجلس مشكلا من تشكيلة أخرى و لذلك فإن ملف الدعوى سيعاد إلى مجلس قضاء تيبازا للفصل فيه من جديد و مع ذلك و لكون قرار المحكمة العليا فصل في مسألة قانونية مفادها أن دفع أجرة الوكيل العقاري من طرف زبونه يتوقف على وجود اتفاق مكتوب بين الطرفين حول مبلغ هذه الأجرة فإن المجلس يكون ملزما بتطبيق قرار المحكمة العليا في هذه النقطة و ذلك تطبيقا لأحكام المادة 374 من من قانون الإجراءات المدنية و الإدارية التي تنص أنه يجب على جهة الإحالة أن تطبق قرار الإحالة فيما يتعلق بالمسائل القانونية التي فصلت فيها المحكمة العليا . تبعا لذلك و بالضرورة فإنه لا يمكن لمجلس قضاء تيبازة عند نظره مجددا في الاستئناف إلا إلغاء الحكم المستأنف الصادر عن محكمة الشراقة و التصدي و القضاء من جديد برفض دعوى الوكيل العقاري لعدم التأسيس.
3- قرارات الغرفة الاجتماعية
> تسريح العامل بسبب الغياب الغير مبرر
في مجال علاقات العمل ، يمكن أن يؤدي الغياب غير المبرر للعامل إلى فصله من العمل علما أن الغياب غير المبرر عن العمل يعتبر بمثابة إهمال المنصب . و مع ذلك لا يعد الغياب عن العمل خطأ جسيما يبرر تسريح العامل إلا إذا توفرت بعض الشروط . القانون لا سيما القانون رقم 91-29 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991 المعدل و المتمم للقانون رقم 90-11 المؤرخ في 21 أبريل 1990 المتعلق بعلاقات العمل ، و لئن حدد بعض الأفعال أو التصرفات التي تشكل أخطاء جسيمة تبرر التسريح التأديبي ( رفض العامل تنفيذ تعليمات المستخدم، إفضاء معلومات مهنية،المشاركة في إضراب غير شرعي، ارتكاب أعمال عنف أو تخريب داخل الهيئة المستخدمة، تناول الكحول أو المخدرات) فإنه لم ينص صراحة على الغياب الغير المبرر. القضاء هو الذي حدد مظاهر و عناصر مفهوم" الغياب الغير المبرر" الذي يعتبر خطأ جسيما يترتب عليه التسريح.
قرار المحكمة العليا المؤرخ في 2 ديسمبر 2021 ملف رقم 1516214 ثبت القضاء السابق لهذه الجهة القضائية العليا حول مسألة تسريح العامل بسبب الغياب عن العمل الغير المبرر . في قرار سابق مؤرخ في 2 فبراير 2012 ملف رقم 635652 ( مجلة المحكمة العليا لسنة 2012، عدد 2 ، صفحة 420) أقرت المحكمة العليا مبدأ عاما مفاده أنه يجب على الهيئة المستخدمة التي تشغل 20 عاملا فأكثر أن تعد نظاما داخليا تحدد فيه القواعد المتعلقة بالتنظيم التقني للعمل و الوقاية الصحية و الأمن و الانضباط و كذا طبيعة الأخطاء المهنية و درجات العقوبات المطابقة و إجراءات التنفيذ . ففي غياب النظام الداخلي ، لا يجوز للمستخدم حسب هذا القرار تسريح عامل بسبب الغياب الغير المبرر و لو ثبت أن المستخدم وجه اعذارات للعامل المتغيب بغرض الالتحاق بمنصب عمله و لكن دون جدوى.
المحكمة العليا و في قرارها المؤرخ في 2 ديسمبر 2021 قضت بأن محكمة غليزان و خرقا للقانون قضت بأن غياب العامل لا يشكل خطأ جسيما يستوجب التسريح ما دام المستخدم لم يوجه له اعذارين على الأقل فيما كان عليها حسب المحكمة العليا الرجوع إلى النظام الداخلي و ما ينص عليه في هذا الخصوص .تطبيقا لهذا القضاء فإنه لمعرفة عدد الاعذارات التي يجب على المستخدم توجيهها للعامل للالتحاق بمنصب عمله قبل تقرير تسريحه بسبب الغياب الغير المبرر و إهمال المنصب فإنه يجب الرجوع إلى بنود النظام الداخلي التي تعالج هذه المسألة. و لكن إذا كانت الهيئة المستخدمة تشغل أقل من 20 عاملا و تكون بذلك غير ملزمة بإعداد نظام داخلي فإنه يكفي توجيه اعذار واحد للعامل بقي دون جواب لفتح المجال لتسريح هذا العامل على أساس إهمال المنصب.
قرار للمحكية العليا المؤرخ في 2 ديسمبر 2021 أقر مبدأ ثانيا مفاده أن المستخدم ( بالنسبة طبعا للمؤسسة التي لها نظام داخلي أو المعفية من هذا الإجراء) يكون ملزما بتوجيه اعذار للعامل المتغيب دون أن يكون ملزما أن يقدم ما يثبت أن العامل تسلم فعليا هذا الاعدار. لذلك تم نقض و إبطال حكم محكمة غليزان الذي قضى بإلغاء قرار تسريح العامل مع إلزام المستخدم بإرجاعه إلى منصب عمله بحجة أن المستخدم لم يقدم ما يثبت أن العامل قد تسلم فعلا الاعذارات الموجهة له .
في نفس القرار فإن المحكمة العليا أثارت وجها من تلقاء نفسها إذ قضت أنه في حالة ما قضت الجهة القضائية بإبطال قرار تسريح العامل مع الأمر بإرجاعه إلى منصب عمله فإنه يجب عليها الإشارة بدقه في منطوق حكمها إلى الامتيازات المحكوم بها للعامل و التي كان يستفيد منها أثناء قيام علاقة العمل ( الحق في مسكن وظفي ، الحق في استعمال سيارة المصلحة و الهاتف ... ). الحكم الذي أبطل بموجب قرار المحكمة العليا خالف هذه القاعدة حينما قضى بإرجاع العامل إلى منصب عمله مع تمكينه من الامتيازات المكتسبة التي حرم منها بسبب تسريحه التعسفي دون تحديد طبيعة هذه الامتيازات و هذا ما يشكل حسب المحكمة العيا سوء تطبيق القانون.
> تسريح العامل بسبب المشاركة في إضراب غير شرعي عن العمل
فصلت المحكمة العليا في مسألة ذات أهمية في مجال الإضراب الجماعي عن العمل تخص مدى شرعية قرار التسريح الذي تتخذه الهيئة المستخدمة ضد العامل لذي شارك في إضراب غير شرعي عن العمل علما أنه يعتبر الإضراب إضرابا غير شرعيا إذا وقع دون إتباع الإجراءات الأولية المنصوص عليها في القانون رقم 90-02 المؤرخ في 6 فبراير 1990 المعدل و المتمم بموجب القانون رقم 91-27 المؤرخ في 21 ديسمبر 1991 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل و تسويتها و ممارسة حق الإضراب .
وقائع الدعوى الأصلية تتلخص في أنه إثر إضراب شارك فيه عامل قامت الهيئة المستخدمة بتسريح هذا الأخير بسبب أن الإضراب الذي قرره العمال هو إضراب غير شرعي كونه وقع دون احترام القانون السالف الذكر لا سيما دون أن تتم الموافقة على هذا الإضراب في جمعية عامة و دون إيداع إشعار بالإضراب لدى الهيئة المستخدمة و لدى مفتشيه العمل و كذا دون احترام الحد الأدنى للخدمة. إثر تسريحه عن العمل لهذا السبب رفع العامل دعوى أمام المحكمة الاجتماعية بأرزيو التمس فيها اعتبار تسريحه تعسفي و بالنتيجة إلزام المستخدم بدفع له تعويض عن هذا التسريح.
المحكمة استجابت لطلب العامل إذ أصدرت حكما مؤرخا في 15 ديسمبر 2020 قضت فيه بإلزام المدعى عليها الشركة المستخدمة بدفعها له تعويضا مقابل هذا التسريح التعسفي. أسست المحكمة حكمها الذي اعتبر تسريح العامل كتسريح تعسفي بكون المستخدم لم يقدم حكم قضائي يقضي بعدم شرعية الإضراب. المحكمة العليا التي رفع المستخدم أمامها طعن بالنقض قضت في قرار مؤرخ في 02 ديسمبر 2021 ملف رقم 1519796 بنقض و إبطال حكم المحكمة على أساس أنه كان على قاضي المحكمة بصفته قاضي الموضوع التصدي لمسألة شرعية الإضراب من عدمه طالما كان هذا الإضراب هو السبب في تسريح العامل و ليس انتظار الفصل في شرعية الإضراب من عدمه من طرف جهة قضائية أخرى.
الاستاذ براهيمي محمد
محامي لدى مجلس قضاء البويرة
brahimimohamed54@gmail.com